[b]أراهنك أنك سمعت هذه الكلمة مئات المرات ، وامتلأ رأسك بعشرات المقالات التي يحمل كل منها نفس العنوان .. ولعلك بدأت في التساؤل الآن عن "موضوع الساعة" الرهيب الذي أوشك على الحديث عنه .. بل إنني أسمع من يقول "صدعنا" ، ومن يهتف "اشجينا ياعم" ، وآخر يصيح "يييييييييييه يا با هي ناقصاك " .. ولهؤلاء بالذات أقول لهم ثلاثة كلمات - على الترتيب - " أسبرين" ، " يا ليل " ، " لا " .. وعامــة فكما تعلمون أن الباب يفوت جمَل .. ومن لا يعلم منكم فليسمح لي أن ينقل عينيه على السطر التالي ويتابع معي
استوقفتني هذه الكلمة - أو قل المصطلح - التي طالعتني كما طالعتك تماما مئات المرات .. وبدأت أبحث في الأسباب وراء تلك التسمية لموضوع ما ، وعلى أي أساس يستحق موضوع أو موقف أن يطلق عليه موضوع الساعة ، وما هي نوع الساعة أيضا هل هي كاسيو أم روليكس أم مجرد ساعة صينية مصابة بتشوه جنيني
وبعد تمحيص وتفحيص وتفصيص .. وبعد دراسات أربع تشهر .. توصلت إلى أن لفظة موضوع الساعة هذا يطلق على المواضيع التي تشغل أذهان الناس ، ويتناقشون حولها بكل حماس ، في فترة لا تزيد عن ساعة واحدة .. وغالبا يكون هذا النقاش هو الهدف الأسمى ، فلم أر أحدا يتخلى عن وجهة نظره في نقاش ، كما لم أجد حلولا ما تقدم لحل موضوع الساعة الهمام .. إلى جانب أن كل هذا الحماس المنصب على الموضوع يتبخر فورا في وقت قصير ويتصاعد إلى طبقات الجو العليا .. فلا يبق منه شيء في عقول الناس إلا بعد أن يعاد تسليط الضوء عليه مرة أخرى .. مما يشعرك أصلا بأن أهمية الموضوع مستمدة فقط من بقعة الضوء المسلطة عليه، لا لأنه مهم فعلا .. كما أن الناس لم تنشغل به إلا لأنهم رأوا آخرين يفعلون ذلك ليس إلا
على سبيل المثال وتقريب الصورة من الأذهان .. طائفة الممثلين .. لا يشتهر منهم إلا من تم تسليط الضوء عليه ، وعمل ضجة إعلامية كبيرة حوله ، بغض النظر عما إذا كان ممثلا بارعا ، أم مجرد صنم يغوث آخر
مثال آخر .. يوم فالنتاين الشهير .. يتم الاحتفال به في دول لا تمت للأخ فالنتاين بصلة أصلا ، وبنفس الطريقة التي يتم الاحتفال بها في الخارج .. فقط لأنهم اهتموا واحتفلوا به ، وجب على الآخرين فورا تقليدهم .. بغض النظر عن تناسبه مع المجتمع أم لا ، فهم لا يطوعون تلك الأشياء الخارجية مع المجتمع ، وإنما يحاولون تطويع المجتمع عليها
ثم .. وبقدرة قادر ..وبنظرية "موضوع الساعة" سابقة الذكر .. يتحول صنم يغوث إلى "الممثل القدير" وتتهافت الفتيات عليه صارخات بإسمه ثم يفقدن الوعي .. ويتحول يوم فالنتاين بقدرة قادر أيضا إلى عيد قومي يتم نشر التهاني القلبية بحلوله
ثم .. وتبعا لنظرية "التطور الطبيعي للحاجة الساقعة" .. يخفت الكلام تدريجيا عن مواضيع الساعة إلى أن ينتهي تماما
وكما يحدث للسيجارة بعد انتهائها .. يلقيها المدخن تحت قدمه ويسحقها .. أو يتركها تسقط من يده بلا مبالاة .. فقط ليمد يده لإشعال واحدة جديدة .. وهو ما يحدث تقريبا مع مواضيع الساعة .. مع فارق أن علبة السجائر لا يزيد محتواها عن 20 سيجارة ، ولا يتركها المدخن إلا بعد اصابته بالسرطان أو .. قيامه بالزواج
أما علبة المواضيع فلا نهاية لمحتواها .. وأظن أننا بحاجة ماسّة إلى تنويه يقال قبل النقاش في موضوع من مواضيع الساعة الشهيرة
انتبه .. الموضوع يدمر الصحة ويسبب الوفاة
محمد الاسبانى